العمل الخيري الفعّال

"المبادرة الخيرية" (TPI) توضح الأساليب التي يمكن اتباعها للتحوّل من مجرد كتابة الشيكات إلى العمل الخيري الذي يحقق أثراً عميقاً

Artboard 2 (5)

ينظر هذا الدليل، الذي نشرته في الأصل "المبادرة الخيرية" The Philanthropic Initiative (TPI) في ما يجعل العمل الخيري عملاً خيرياً استراتيجياً، ويوضّح كيف يمكن للمانحين القيام بأكثر من مجرد كتابة الشيكات، ويقدّم أمثلة على الاستراتيجيات الخيرية المؤثرة. 

ويناقش الدليل أيضاً استراتيجيات التأثير وأهداف التنفيذ، ويستكشف الأدوار التي ممكن أن يلعبها المانحون ليقدموا أكثر من مجرد كتابة الشيكات. كما يحتوي على دراسات حالة لتقديم أمثلة حقيقية على أساليب مختلفة.

هذه نسخة مختصرة من دليل تم اعداد من قبل "المؤسسة الخيرية" (The Philanthropic Initiative - TPI)، وتم إعادة نشره بإذن منها. يمكنم تنزيل نسخة PDF من الدليل الأصلي هنا.

المقدمة

يستطيع المانحون، سواء أرادوا تقديم 10,000 أو 10 ملايين دولار، الاختيار من بين العديد من الطرق لتخصيص مواردهم الخيرية.

فبعض المانحين يشعرون بقدر كبير من الرضا لدى دعم عدد قليل من المنظمات غير الربحية التي تتصدى للقضايا التي تهمهم والقادرة على إثبات ما تحققه من إنجازات في هذا المجال. ولذلك قد يُقدِم هؤلاء على دعم المنظمات ذاتها عاماً تلو الآخر طالما أنهم يرون أدلة كافية حول حُسن الإدارة ويطلعون على نتائج ملموسة.

ويختار آخرون تركيزاً خاصاً لأعمالهم الخيرية، فيقومون بتوزيع الموارد بين العديد من المنظمات المكرسة لقضية محددة أو يخصصون الأموال لمشاريع مختارة داخل منظمة بعينها.

ومع مرور الوقت، عندما يفهم المانحون بشكل أفضل مجالات اهتمامهم ويحصلون على المزيد من المعرفة حولها، فقد يرغبون في التصدي للأسباب الجذرية لهذه القضايا ودعم مجموعة من الاستراتيجيات لإحداث فرق في صفوف مجتمع معين أو داخل منطقة معينة. ويسمى ذلك أحياناً بالعمل الخيري "الشديد التأثير" الذي يتخذ المانحون خلاله نهجاً استراتيجياً واستباقياً للعمل الخيري، ويستغلون مواردهم بطرق مبتكرة لتحقيق أقصى قدر ممكن من النتائج.

ولا يتكون العمل الخيري الشديد التأثير من مجموعة صارمة من القواعد أو الصيغ المالية، بل هو عبارة عن عملية فهم لمجموعة الأدوار والاستراتيجيات التي يمكنها أن تعزز الأثر الذي تحدثه الموارد الخيرية.

الانتقال من الأهداف إلى الاستراتيجيات الشديدة التأثير

ينطوي زيادة أثر العمل الخيري على إجراء الأبحاث واختبار الأفكار والنظريات الجديدة والتفكير والاستعراض المستمرين لاستراتيجية العمل الخيري. وعلى الرغم من أن هذه العملية قد لا تسير بالضرورة في خط أفقي، إلا أنها تضم في العادة المكونات التالية:

وضع الرؤية والرسالة والأهداف. يركّز العمل الخيري الأكثر فعالية على الأهداف والنتائج. واستناداً إلى قيم المانحين، تنبثق الأهداف من رؤية ورسالة محددتين بوضوح من أجل استهداف قضايا اجتماعية أو ثقافية أو مجموعات سكانية أو مناطق جغرافية معينة. وحيثما أمكن، يبحث المانح عن مؤشرات ملموسة وعوامل نجاح لدى تبني الرؤى الطويلة المدى. فعلى سبيل المثال، قد يقوم الممول الذي يدعم برامج تهيئة الفرص الاقتصادية لسكان المدن الداخلية بدراسة الأثر الذي تتركه المنح من خلال تقييم توفر فرص العمل الجديدة أو ارتفاع مستوى الأجور أو فرص التدريب المهني في المجتمع المستهدف.

البحث والتحليل الذي يركّز على القضايا. يقوم العمل الخيري الاستراتيجي بالبناء على أفضل الممارسات، وتحديد الاحتياجات والثغرات القائمة، واستهداف الفرص الناشئة. ومن خلال القيام بالبحث والتحليل للقضايا يمكن للممولين تطوير سياق بالغ الأهمية من أجل تحديد أفضل السبل لتخصيص مواردهم الخيرية.

صياغة الاستراتيجية الخيرية. تمثل العناصر المذكورة أعلاه - وهي القيم والرسالة والرؤية والأهداف والبحث والتحليل - مواد العمل من أجل وضع استراتيجية للعمل الخيري. وتتمثل الخطوة التالية في تحديد الأدوار والأساليب التي من المرجح أن تحقق الأهداف التي يسعى المانح لتحقيقها. فعلى سبيل المثال، ينتهج بعض المانحين استراتيجية تعزز الابتكار، بينما يركّز مانحون آخرون على تنمية المهارات القيادية أو بناء القدرات المؤسسية.

التنفيذ. بمجرد أن يضع المانح الاستراتيجيات ويحدد الدور الذي يجب أن يلعبه، يحين الوقت لتنفيذ البرنامج. يبدأ التنفيذ بوضع خطة عمل وجدول زمني وميزانية. ويتم ربط تفاصيل الخطة بالاستراتيجيات والأدوار التي اختارها المانح.

التقييم والتفكير والاستعراض. يقوم المموّلون الذين يسعون لتحقيق أثر كبير بتقييم جهودهم باستمرار، وتجميع أبحاث جديدة، والبناء على الاستراتيجيات الفعّالة، ووضع استراتيجيات جديدة عندما تقتضي الحاجة. كما يشركون الجهات المتلقية للمنح في مسيرة التعلُّم ويسعون للحصول على المعرفة والاستفادة من الرؤى المستقاة من منحهم. ويبحث هؤلاء المانحون أيضاً عن فرص للقاء الخبراء والممارسين والممولين الآخرين في مجال اهتمامهم من أجل تعزيز فهمهم وبناء شبكة تركّز على الأهداف والمقاصد المشتركة.

رفع مستوى المعرفة في مجال اهتمامك. هل تعلمت شيئاً قد يكون مفيداً للمانحين الآخرين والمنظمات غير الربحية الأخرى؟ هل توصلت إلى نتائج قد تؤثر على السياسة العامة؟

الخضوع لمستويات أعلى من المساءلة. هل تمارس الإشراف الجيد على الأموال الخيرية الخاصة بك؟ هل تستثمر أموالك بأفضل صورة؟

الشعور بالرضا حيال عطائك. هل تشعر أن هبتك قد أحدثت فرقاً؟ سوف يؤثر رضاك ​​الشخصي على الأغلب على حماسك ومشاركتك والتزامك بالعمل الخيري. ومن المحتمل أن يكون لبعض أو جميع هذه الأهداف صدى لديك أو ربما لا يمثل أي منها بالضبط أسبابك "للمعرفة والاستكشاف".

خذ الوقت الكافي لتحديد أهدافك الأساسية لإجراء التقييم. فإجابتك سوف تؤثر على شكل استراتيجية التقييم.

أربعة أركان

من المؤكد أن "المبادرة الخيرية" لم تبتكر العمل الخيري الاستراتيجي؛ ولكننا عندما بدأنا العمل، كانت المفاهيم والممارسات المتعلقة بالعمل الخيري الاستراتيجي تقتصر إلى حد كبير على القيادات العليا في المؤسسات الخيرية والشركات الكبرى. لكننا عقدنا العزم على تغيير ذلك، أي جعل مثل هذه الاستراتيجيات في متناول مجموعة متنامية من المانحين الجدد.

واليوم، يقوم الأفراد والعائلات والمؤسسات الخيرية والشركات بالاستفادة من خدمات "المبادرة الخيرية" من أجل وضع استراتيجيات خيرية مخصصة والعمل على تنفيذها. وبصفتنا شريكاً فكرياً أو خبيراً أو فريق عمل، فإننا نعمل عبر سلسلة متصلة - من التقييم إلى وضع الاستراتيجية من خلال التنفيذ الشامل - لمساعدة عملائنا في الوصول إلى أهدافهم الخاصة.

  1. الاستراتيجية. تحديد الأهداف عند تقاطع المصالح والاحتياجات الاجتماعية وتوافر أرضية خصبة للتغيير.
  2. التصميم. النُهج المبتكرة التي تستخدم مجموعة من الأدوات والشركاء والتكتيكات والحلول.
  3. التقييم. التفكير العميق لإرشاد الاستراتيجية والممارسة والعمل على تحسينهما.
  4. الإدارة. الدعم الانتقائي أو الاستعانة بشكل كامل بالمصادر الخارجية لتحويل الأفكار إلى أفعال.

أكثر من مجرد كتابة شيكات

يمكن للمانحين تعزيز تأثيرهم من خلال التفكير بعناية في الأدوار التي يمكنهم أن يلعبوها وتلك التي يجب عليهم أن يلعبوها. وبالإضافة إلى تقديم المنح، قد يشمل دور المانح على تنظيم الاجتماعات والتدريب والتوعية من خلال وسائط الإعلام وغيرها من الأدوات والأساليب الكثيرة الأخرى القادرة على تعزيز التأثير. وقد تشمل هذه الأدوار:

مبتكر/حاضن لأفكار أو برامج أو منظمات جديدة. فغالباً ما يكون العمل الخيري بمثابة قطاع "الأبحاث والتطوير" في المجتمع، فيقوم بتوليد واختبار الأفكار الجديدة الخالية من القيود التي يفرضها القطاع العام والتي يتم تغذيتها بإبداع المانح والجهة المتلقية للمنح.

ناشر/مكرر للنماذج المبتكرة وأفضل الممارسات. بعد أن تُثبت البرامج والنهج فعاليتها، يمكن للممولين أن يلعبوا دوراً حاسماً في تكرارها أو توسيع نطاقها، فضلاً عن نشر النتائج والأفكار المهمة.

مهتم ببناء قدرات المنظمات غير الربحية والمدارس والأحياء ومجالات الاهتمام. يعمل هؤلاء المانحون في شراكة وثيقة مع الجهات المتلقية لمنحهم، ويقدمون المساعدة الفنية، ويقومون بتنمية المهارات القيادية، ويوجدون فرصاً للتواصل. ويستخدم مصطلح "العمل الخيري الاستثماري" لوصف النشاط الأكثر تفاعلاً الذي يهدف إلى بناء القدرات وتعزيز أداء القطاع غير الربحي.

منظم للقاءات/العمل كحلقة وصل. يمكن للمانحين أن يلعبوا دوراً مهماً في ربط المجموعات بالأهداف والمصالح المشتركة، وبناء التحالفات وجمع الناس حول أجندة واحدة. ويقوم بعض المانحين بجمع قادة المجتمع والخبراء والجهات المتلقية للمنح والممولين والمفكرين المبدعين لتوليد أفكار جديدة وبناء توافق في الآراء حول رؤية مشتركة وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات.

عامل تغيير/محفز لتعزيز التغيير الاجتماعي. يتصدى بعض المانحين للأسباب الجذرية ويعملون على تحسين الأنظمة ضمن مجال اهتمامهم. وقد يدعمون الأبحاث أو يعملون على تعزيز التحالفات الاستراتيجية أو رفع الوعي العام. ويلعب بعض المانحين دور المحامي العام والمتحدث الرسمي للحث على العمل من أجل القضايا التي يسعون للتأثير عليها.

أمثلة على الاستراتيجيات الخيرية

مثلما يفكر المانحون الذين يسعون لتحقيق أثر كبير في مجموعة الأدوار التي ستحقق أهدافهم على أفضل وجه، فإنهم يقومون أيضاً بتقييم أي الاستراتيجيات تبشر بتحقيق النتائج المرجوة. على سبيل المثال، يمكن أن تنطوي هذه النُهج على دعم مشاريع تجريبية أو شراكات استراتيجية مع مجموعات أو مجتمعات غير ربحية أو مبادرات تنمية المهارات القيادية.

وفيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تكون فعّالة، مرفقة بأمثلة توضح الاستراتيجية في الممارسة العملية. وبالنسبة لمعظم المانحين، ما يبدو بأنه يعمل بشكل أفضل هو ما يحقق التوازن بين النُهج التنظيمية والتعزيزية، وفقاً للمنظمة والوضع الخاص بها. فعلى سبيل المثال، قد يكون النهج التنظيمي مناسباً لتقييم الهبات المقدمة للمنظمات الراسخة والمعروفة، بينما قد تكون نُهج التعزيز هي المفضلة لدى التعامل مع المنظمات الناشئة أو البرامج التجريبية.

1. إنشاء منظمة جديدة

بعد تحديد الاحتياجات الحاسمة الأهمية داخل المجتمع أو المنطقة، قد يقرر الممول الذي يتمتع بالخبرة إنشاء كيان جديد لسد هذه الفجوات. وقد تكون هذه الاستراتيجية جذابة بشكل خاص عندما تجعل الحواجز السياسية أو البيروقراطية تعزيز العمل الذي تقوم به وكالة قائمة أمراً عسيراً أو عندما يختار الممول قيادات ناشئة ذات أفكار مبتكرة.

دراسة حالة: تشكيل قوة جديدة لتنفيذ إصلاحات في المدارس الحكومية

اتفق مديرو مؤسسة خيرية عائلية على أن المدارس الحكومية في مدينتهم بحاجة لإصلاحات واسعة النطاق. ومن خلال العمل مع اثنين من مديري المدارس الثانوية كمستشارين رفيعي المستوى، أطلقت المؤسسة الخيرية منظمة لتقديم الدعم المهني والمساعدة الفنية للمدارس الملتزمة بتبني التحوّل التعليمي. وقد تميزت المنظمة الجديدة بإشراكها أصحاب المصلحة الرئيسيين في عملية التخطيط، لا سيما المعلمون وأولياء الأمور والطلاب. وقامت المؤسسة الخيرية بتقديم نصف التمويل الأولي. وبعد خمس سنوات، كانت هذه المنظمة تدير عدة شبكات من المدارس الحديثة وقد توسعت لتشمل 20 موظفاً وميزانية سنوية بقيمة مليوني دولار. وبدأت المنظمة في الحصول على إشادة على الصعيد الوطني، ما أدى إلى حصولها على منحة بملايين الدولارات من مؤسسة وطنية كبرى بهدف توسيع نطاق عملها ليشمل جميع أنحاء المنطقة.

2. صياغة مبادرة للحصول على المنح بطريقة تنافسية من خلال إصدار طلب تقديم المقترحات

إن عملية طلب تقديم المقترحات هي بمثابة محفز إذ أنها تلتمس المقترحات التي تستجيب مباشرة لأهداف المانحين واهتماماتهم. ويمكن لطلبات تقديم المقترحات تحفيز الابتكار أو التشجيع على التعاون أو لفت انتباه الجمهور إلى قضية ما أو مجرد المساعدة في العثور على أفضل منظمة يمكنها أن تؤدي هذا العمل.

دراسة حالة: ترجمة الأبحاث إلى واقع عملي

بدأت ممولة مهتمة بمساعدة الفتيات المراهقات على تنمية تقدير الذات في استكشاف الاستراتيجيات المحتملة لتحقيق ذلك. وبعد مناقشة هذا الموضوع مع الخبراء وقادة البرامج من الشباب، وجدت فجوة كبيرة بين بحث أجري مؤخراً حول احتياجات المراهقات من جهة وتنفيذ العديد من البرامج التي تستهدف الشباب من جهة أخرى. وبناءً على هذا البحث، أطلقت المانحة طلباً لتقديم مقترحات لوضع نماذج لبرامج مبتكرة. وعلى مدى السنوات الثلاث التالية، استثمرت 3 ملايين دولار في عشرة برامج جديدة مصممة لترجمة البحث إلى ممارسة عملية. ومع انتهاء فترة المنحة، أظهرت معظم هذه البرامج تقدماً كبيراً واجتذب العديد منها مصادر تمويل جديدة لدعم استمرار عملها.

3. وضع برنامج جوائز للأفراد

يساعد برنامج الجوائز في لفت انتباه الجمهور إلى قضية ما، خلال دعم المواهب والقيادة الفردية.

دراسة حالة: تكريم أبطال المجتمع المجهولين

يمول ممول مجهول برنامج جوائز سنوي يحتفي بأبطال وبطلات الأحياء الذين لم يتغن بهم أحد من قبل. وعلى غرار جوائز "جينيس" التي توزعها منظمة ماكارثر الخيرية، يوفر هذا البرنامج ثلاث سنوات من الدعم المالي غير المقيد فضلاً عن الشهرة، لقادة الأحياء الكادحين الذين يتم ترشيحهم من قبل مراقبين محليين. وبعد حصولهم على هذا التكريم، تلقى العديد من المكرمين منحاً كبيرة لمشاريعهم المجتمعية من ممولين آخرين.

4. تقديم الدعم للأفراد المحتاجين و/أو الموهوبين

يمكن للمانح الذي يتمتع بفكر عميق أن يقدم دعماً مهماً على المستوى الفردي يحقق في نهاية المطاف تأثيراً هائلاً. فقد يتشجع شاب يتم توصيله بمرشد على ممارسة مهنة تحتاج للحصول على شهادة جامعية خلافاً لكل التوقعات. ويمكن لقرض الطوارئ أن يصلح سيارة أم عزباء مكافحة أن يصنع فارقاً بين حفاظها على وظيفتها أو الاعتماد على الرعاية الاجتماعية. وبالنسبة لصحفي ما، قد تؤدي فرصة التعرّف على قضية اجتماعية معقدة إلى سلسلة من المقالات التي تؤثر في ملايين القراء. وفي حين أن هناك بعض القواعد التي تحكم الهبات الخيرية للأفراد، إلا أن هناك العديد من الطرق التي تمكن المانحين من رعاية المواهب أو تعزيز المهارات الفردية أو إعطاء دفعة للأشخاص ذوي الاحتياجات المالية الملحّة.

دراسة حالة: دعم الالتحاق بالكليات والنجاح للشباب الموهوبين ذوي الدخل المنخفض

يدعم برنامج المنح الدراسية الذي يرعاه أحد المانحين أكثر من 60 طالباً جامعياً من المدن من خلال توفير الدعم المالي والإرشاد. ويتم تحديد الطلاب المناسبين للبرنامج من قبل مديري ومعلمي المدارس الثانوية ويكون العديد من هؤلاء الطلاب أول من يلتحق من أسرهم بالكليات والجامعات. ويتضمن البرنامج دعم الرسوم الدراسية وتقديم إعانات لتغطية تكاليف الكتب المدرسية وأجهزة الكمبيوتر والوصول إلى فرص التدريب الصيفي والخبرات القيمة.

5. تشجيع تكرار أو تكييف نموذج فعّال

تتمثل إحدى الاستراتيجيات لتشجيع التغيير في تحديد النماذج التي أثبتت نجاحها وتكرار هذه النماذج أو تكييفها لتناسب مجتمعات أو مناطق جغرافية أخرى.

دراسة حالة: تكرار نموذج للإلمام بالقراءة والكتابة لدى الأسر

علمت شركة للألعاب مهتمة بشكل كبير بالصحة والتعليم عن نموذج بسيط وفعال لتعزيز الإلمام بالقراءة والكتابة لدى الأسر يجمع بين هذين القطاعين. ويشمل النموذج قيام متطوعين بالقراءة للأطفال الصغار في غرف الانتظار في عيادات الأطفال، ومن ثم يقوم أطباء الأطفال بتشجيع الآباء والأمهات على القراءة لأطفالهم، وإعطائهم كتباً للأطفال ليأخذوها معهم إلى منزلهم. ولدعم هذه الجهود وتوسيع نطاقها، أصدرت الشركة طلباً لتقديم المقترحات من أجل الحصول على منح تصل قيمتها إلى 10,000 دولار، ما أدى إلى تقديم الدعم الذي تشتد الحاجة إليه للمواقع التي كررت هذا النموذج في المجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

6. إطلاق استراتيجية تحوّل شاملة "قائمة على المكان"

تستهدف بعض المؤسسات الخيرية مناطق جغرافية أو أحياء محددة وتتصدى لمجموعة معقدة من العوامل التي تساهم في فقر تلك المنطقة أو تدهورها.

دراسة حالة: التحولات الطويلة الأمد في الأحياء السكنية

قررت إحدى المؤسسات الخيرية التركيز على أفقر الأحياء السكنية في مدينتها. وعلى مدى سنوات عديدة قدمت المؤسسة الدعم لتشكيل مؤسسة تنمية مجتمعية وعملت بشكل وثيق مع المدارس الحكومية لتوفير فرص التثقيف للأطفال وعائلاتهم. وتقوم المؤسسة الخيرية حالياً باستكشاف طرق للبناء على هذه الجهود ودعم سلسلة "من المهد إلى الوظيفة" بأكملها، لاسيما جهود تنمية الطفولة المبكرة وتوفير الدعم الأكاديمي وتنمية الشباب وإتاحة الوصول إلى الكليات والنجاح فيها وتنمية القوى العاملة.

7. وضع مجموعة من النُهج للتركيز على قضية اجتماعية

يمكن الجمع بين الأدوار والاستراتيجيات بطرق مبتكرة لتحقيق نتائج متناغمة. وكثيراً ما يلجأ المموّلون المنخرطون بعمق في قضاياهم لاستخدام العديد من النُهج التي تكمل بعضها الآخر.

دراسة حالة: التصدي لمشكلة تشرد الأسر

أبدت مؤسسة خيرية في ولاية كونيتيكت التزاماً متواصلاً بالتصدي للأسباب الجذرية للتشرد. وقد تضمن النهج المتعدد الجوانب الذي اتبعته دعم الأبحاث، ووضع السياسات، وتقديم منح للخدمات المباشرة، والاستثمار في الوحدات السكنية المرتبطة بالبرنامج، وتشكيل التحالفات على مستوى الولاية، وتقديم المساعدة الفنية للجهات المتلقية للمنح. وشملت منح الخدمات المباشرة إعانات السكن والتدريب على المهارات ودعم المرافق التي تخدم المرضى النفسيين. ولأن المؤسسة الخيرية تدرك أن التشرد ظاهرة معقدة فهي تعمل بشكل وثيق مع المهنيين المتخصصين وصانعي السياسات في القطاعين الخاص وغير الربحي وعلى جميع المستويات الحكومية.

8. دعم بناء القدرات مع مجموعات غير ربحية أو مدارس مختارة

يدرك رواد العطاء على نحو متزايد أن القدرة المؤسسية والبنية التحتية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتحقيق الأهداف والنتائج. ولذلك يقوم بعض المانحين، من خلال تقديم الدعم المكثف والمتعدد السنوات، بمساعدة مجموعات مختارة في معالجة مجموعة كاملة من المسائل التنظيمية، مثل تحديد الرسالة والأهداف وتطوير حافظة البرامج والأنظمة المالية والعمليات والتقييم. ويقوم مموّلون آخرون بتناول احتياجات محددة، كاستخدام التكنولوجيا بمزيد من الفعالية، أو تعزيز القدرات في مجال جمع التبرعات أو استضافة المؤتمرات للخبراء والممارسين.

دراسة حالة: مبادرة تنمية قدرات القوى العاملة

على مدى عدة سنوات، قدّم أحد الممولين الدعم لبرامج تنمية القوى العاملة التي تديرها وكالة محلية في منطقة تعاني من الكساد الاقتصادي في ولاية بنسلفانيا. وقد اعتمدت الوكالة، التي تتمتع بتاريخ طويل في تمكين الأسر ذات الدخل المنخفض والتخفيف من حدة الفقر، على العقود الحكومية. لكن عندما هدد خفض التمويل على مستوى الولاية قدرة البرامج الحالية على الاستمرار في عملها، ناقش الممول مع المدير التنفيذي سبل دعم الفعالية الكلية للوكالة، لا سيما في مجال التكنولوجيا. وقد نتج عن هذه المناقشات منحة قدرها 75,000 دولار لشراء 40 جهاز كمبيوتر متصل بالإنترنت لاستخدامها من قبل 45 موظفاً وعدة مئات من العملاء. ومع تطبيق النظام الجديد، أصبح العملاء الآن يتمتعون بوصول أفضل إلى موارد التطوير الوظيفي، وبات الموظفون أكثر استعداداً لإضفاء الطابع الفردي على المناهج الدراسية، ومراقبة نتائج تنمية القوى العاملة، وتقديم خدمات الدعم ما بعد التوظيف.

الختام

من المرجح أن يحقق المانحون أكبر أثر ممكن عندما يقومون بتحديد أهدافهم بوضوح واختيار الأدوار والاستراتيجيات التي تتوافق مع تلك الأهداف. ففي الكثير من النواحي، يعتمد العمل الخيري الشديد التأثير على صفات رواد الأعمال الناجحين - كالالتزام الشغوف، ووضوح الهدف، وفهم ما هو مطلوب لتحقيق الرؤية، ومزيج من الصبر والقلق.

وقد يكون العمل الخيري الخاص صغيراً مقارنة بالتمويل الحكومي، وقد تبدو المنح الفردية غير مهمة مقارنة بحجم القضية التي يتم التصدي لها، غير أننا نشهد يومياً أمثلة على التغييرات التي تؤدي إلى تأثيرات مضاعفة تثير الدهشة.

وكما يقول مالكولم جلادويل في كتابه The Tipping Point، "بأدنى قدر من الضغط - وفي المكان الصحيح فقط - يمكن تحقيق التحول [في العالم]". فالمانحون الذين يسعون لتحقيق تأثير كبير يبحثون عن نقاط التحوّل هذه ويحدثون الفرق، سواء كانوا يعملون لإحداث تغيير بين الأفراد أو في المجتمعات المحلية أو على المستوى الوطني أو الدولي. وفي واقع الأمر، يمكن للأعمال الخيرية أن تحقق الكثير، بغض النظر عن مستويات التمويل، عندما يعمل المانحون بطرق ذكية واستراتيجية.

نبذة عن الدليل

تم إصدار هذا الدليل من قبل "المبادرة الخيرية" The Philanthropic Initiative (TPI) ، وهي مبادرة غير ربحية عالمية متخصصة في الاستشارات الخيرية تساعد الشركات والمؤسسات الخيرية والعائلات والأفراد على إيجاد طرق مبتكرة لتعظيم الأثر الذي يحققه عطاؤهم. و"المبادرة الخيرية" هي وحدة عاملة مستقلة تابعة لمؤسسة بوسطن الخيرية.

يمكن تنزيل نسخة PDF من الدليل الأصلي هنا. وهو متوفر للتنزيل أيضاً في اللغة العربية هنا